الخميس , 26 ديسمبر , 2024

النظريات حول الإعاقة

لماذا يعاني ذوي الإعاقة من مشاكل في ممارسة حياتهم بشكل طبيعي كبقية المواطنين في بعض المجتمعات؟

سؤال يتبادل الى ذهن الكثير من الأشخاص وخاصةً ذوي الإعاقة أنفسهم أو أسرهم والمقربين منهم.

إذا أردنا الإجابة على هذا السؤال فنحن لا بد أن نتطرق الى النظريات حول الإعاقة وأنواعها وتفاصيلها:

يتبنى الباحثين عدة نظريات هي: النظرية الطبية، والاجتماعية، والثقافية، والعدلية علماً أن أهم هذه النظريات والتي أثرت في تاريخ حقوق ذوي الإعاقة هما النظريتين الطبية والاجتماعية:

النظرية الطبية :

تقوم هذه النظرية على أن السبب الحقيقي للمشاكل و العقبات التي تواجه الأشخاص ذوي الإعاقة هي الإعاقة نفسها ، لذلك فالحل الوحيد لهذه المشاكل هو التدخل الطبي أو حبس ذوي الإعاقة في المصحات حتى لو كانت هذه التدخلات جبرية فهي مبررة في نظرهم لعلاج المشكلة و تبنّي الدولة لهذه النظرية يجعل من هذا التدخل مشروعاً ،  يتولد عن تبني هذه النظرية في المجتمعات سلبيات كبيرة أهمها ما ذكرناه من  التدخل الطبي و الحبس في المصحات ، اضافةً إلى وصمة العار من الإعاقة و عزل ذوي الإعاقة و ابعادهم عن المجتمع ، فتجد الأسر التي لديها أفراد من ذوي الإعاقة لا تفصح عنهم و تعزلهم عن المشاركة المجتمعية و في المحافل بسبب النظرة العامة السائدة و هي أن المشكلة تكمن في الإعاقة نفسها و يكثر هذا الشعور خصوصاً لدى النساء و الفتيات .

مع العلم أن هذه النظرية هي النظرية السائدة في السابق لدى كل المجتمعات وبدأت في الزوال التدريجي في نهاية القرن العشرين، يرى الكثير من الباحثين أن النظرية الطبية رغم قسوتها كانت هي السبب في ظهور النظرية الاجتماعية وهي النظرية التي تتبناها الأمم المتحدة حالياً والمجتمع الدولي عامةَ وهي أكثر النظريات عدلاً وإنسانية، تغير النظرة لذوي الإعاقة وحقوقهم من خلال النظرية الاجتماعية خلق تطوراً كبيراً وملحوظاً في مجال حقوقهم حول العام.

النظرية الاجتماعية :

هذه النظرية تقوم على أساس أن المشاكل التي تواجه ذوي الإعاقة هي بسبب عدم احتواء المجتمع وتقبله لذوي الإعاقة وتوفير التسهيلات لممارسة حياتهم بشكل طبيعي، تُبنى هذه النظرية على ثلاثة عناصر أساسية وهي:

  • أن الأشخاص ذوي الإعاقة هم من الأقليات التي تحتاج الى حماية قانونية.
  • التشديد على أن المشاكل التي تواجه ذوي الإعاقة لا علاقة لها بشكل مباشر بالإعاقة نفسها بل نابعة بشكل أساسي من المجتمع وعدم تقبله.
  • العنصر الثالث هو ضرورة خلق مبادرات وإصلاحات من شأنها احتواء ذوي الإعاقة وجعلهم في كفة متساوية مع المجتمع ككل.

بالنسبة لمجال حقوق ذوي الإعاقة في المملكة العربية السعودية يرى الكثير من الباحثين أن المملكة تتبنى النظرة الطبية، لكن المتمعن للمشهد الحالي في المملكة يرى أن النظرة الطبية بدأت في الزوال تدريجياً لتحل محلها النظرة الاجتماعية مواكبةً بذلك المجتمعات الدولية وتطبيقاً للمعاهدات الدولية التي أصبحت المملكة طرفاً فيها مثل اتفاقية (حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة).

إعداد : المحامية نوف بنت نايف بن مضيان
المصدر : بحث د. هاشم آل غالب